الثلاثاء، 4 مارس 2008

شغبه الكاهليه

شغبه هي اشـــعر نســـــاء البطانة قاطبة ، بل وتنافس رجالها في لقب اشــــعر شـــــعرا البطانة ، وهي من قبيلة الكواهلة تزوجها "ود قلش" وهو أيضا من الكواهلة فرع المرغماب ، هي امرأة ذات شــــــخصية قوية وهي شــــاعرة متفردة ومن الطراز الأول ، يمتاز شعرها بقوة الكلمة وخشونة العبارة ، لشغبه أخت تدعى "علابة" تزوجها بطحاني فأنجبت منه الشـــــيخ برير أحد فرسان البطاحين ، وســـــنتعرض للشيخ برير هذا كثيرا لان له اثر كبير في حياة شغبة . حركت شغبه بأشـــــعارها أبناء قبيلة زوجها للدخول في حروب عديده ، مع البطاحين ومع دولة الســـــلطنة الزرقاء وكان ذلك في زمن "عجيب المانجلك" . يطلق على شغبه اسم "شغبه المرغمابية" نسبة إلى المرغماب أحد فروع الكواهلة وهذا خطا كبير لان شغبه لا تنتمي إلى المرغماب ومن ينتمي إليهم هو زوجها "ود قلش" ، لكن شغبه ولحبها الشــــــديد لزوجها "ود قلش" أحبت فرع المرغماب أكثر من الفرع الذي تنتمي إليه ، وتنتمي شغبه إلى فرع فرع الشدايدة ، وينتمى زوجها "ود قلش" إلى فرع المرغماب كما اسلفنا ، وكان ارتباطها الوطيد بزوجها " ودقلش " هو الذي جعلها ترتبط ارتباطا رائعا جسداً وروحاً بقبيلة المرغماب ، وتقصر إلى حد بعيد مدحها عليهم وفخرها بهم وحدهم . كانت شغبة مثيرة للحروب بين القبائل ، فبيت من شعرها يستطيع ان يحرك حرب ضروس ، ولعل اقسى المعارك التي مرت بها ، تلك المعركة التي دارت بين البطاحين والمرغماب ، وذلك لسببين: الاول : فقدت في تلك المعركة زوجها " ودقلش " وابن لها يدعى " نائل" الثاني : ان من قاد البطاحين في تلك المعركة هو ابن اختها " علابة " فارس البطاحين المغوار الشرس " الشيخ برير " في تلك المعركة تفوق البطاحين على المرغماب وهزموهم شر هزيمة ، وقتل زوجها ود قلش امام ناظريها ، فقالت من فرط الالم وهي تشاهد زوجها يسقط من الجواد :

كُرْ يَا نوح من دا الخْرَابْ
عَجَب عيني تاكُل فيهُ الكلابْ
وَدْ قلش مَيَّحْ من الرِّكَابْ
أخَير دا من قُولَة جَفَلوُا المُرغمابْ
مفردات : كر : لفظ تقوله النساء للاستنكار عجب عيني : قرة عينى وتقصد به ابنها ميح : فقد توازنه من على متن الفرس الركاب : وهو ركاب الفرس والمقصود السرج او ظهر الفرس
وتقول شغبة ان ابنها وغرة عينها قد سقط جثة هامدة تنهشه الكلاب الضالة ، اما زوجها "ود قلش" فقد فقد توازنه وانكفاء على ظهر فرسه الذي فر به هارباً ، لكن رغما عن ذلك ظلت ثابته وقوية وقالت ان يموت زوجها وابنها بهذه الطريقة خيرا من يقال عنهم انهم فروا من المعركة وبعد انتهاء المعركة تقول شغبة ابيات محرضة لبقيت افراد القبيلة بعد ان تصفهم بالتردد والخوف وتقول :

يقَّن لي خَرَابَك يا عديد نوير
راحوا النايرين فضلوا البماسحُو الكيل
ود قلش يَكفِيِّ لي هَوَا]ضدَ اللِّيل
ود نَوَّاي كتل فَاَرسَ التَّقِله ام حيل
شغبه وين تَقَبِّل بي كبيرة الضَّيل
مفردات : يقن : اصبر عديد نوير : العد هو مورد الماء ونوير اسم مكان ولعلها كانت تنزل فيه مع قومها النايرين : ذو الوجوه البيضاء وتقصد الشجعان البماسحو الكيل : المترددون هوايد الليل : اخر الليل وهو دليل على كرمه انه يستقبل ضيوفة لوقت متاخر من الليل ود نواي : احد فرسان القبيلة وين تقبل : اين تذهب كبيرة الضيل : وتقصد ناقتها كبيرة الضرع وفيرة اللبن
في الابيات السابقة تخاطب شغبة مورد المياه وتقول له اصبر فقد تاكد خرابك بعد ان هلك من كان يدافع عن حماك ، وبقي المترددين الخائفين ، ذهب ود قلش الكريم من كان يكرم الضيف حتى وقت متاخر من الليل ، وكذلك هلك ود نواي حامي القبيلة وفارسها ، فماذا تفعل شغبة بعد هلاكهم والي اين تذهب .
كان لابياتها السابقة كبير الاثر في تحريك فرسان القبيلة المتبقين من اجل الثار لقبيلتهم من البطاحين .... فمن تحرك منهم ؟ وماذا فعل ؟ ..... ألهبت شغبه بتلك الأبيات مشاعر رجال القبيلة وحثتهم على اخذ ثأرهم وثأرها من البطاحين وكان لكلماتها الفعل المثير ، فأثارت الحماسة وحركة القلوب وألهبت المشاعر في من تبقى من فرسان القبيلة وقد حدث أن " حمد المليحابي " وهو احد فرسان المرغماب ألمه أن تنتهي قبيلته مثل تلك النهاية المفجعة ، فشد رحاله بعد المعركة إلى قبيلة الامرار التي كانت تسكن في مكان يقال له " الباك " وطلب منهم المساعدة في اخذ الثار من البطاحين . مكث المليحابي لدى الامرار عامين كاملين يجمع فيها الفرسان الأقوياء لملاقاة البطاحين وقائدهم " الشيخ برير " ، وقد جمع منهم سبعة ألف فارس اشترط فيهم أن يكونوا مِن مَن يتعاطون التمباك لأنهم كانوا يظنون إن من يتعاط التمباك يكون اشد ضراوة في القتال من غيره .
فكان اللقاء بينهم وبين البطاحين وكان النصر كذلك
هزم المرغماب بمساعدة الامرار البطاحين هزيمة نكراء تناقلتها الأجيال ، وقتل الكثيرين من فرسان البطاحين وأخذت إبلهم واسر قائدهم " الشيخ برير " كما طلبت شغبه أن يأتوها به حيا لتأخذ ثأرها بيدها ، وحقق لها المليحابي ما أرادت
بالرغم من الم شغبه وحسرتها على فقدان ولدها وزوجها وفرسان قبيلتها ، إلا أنها لم تتنكر لشجاعة أعدائها " العركشاب " وهم فرع من البطاحين ، الذين صمدوا صموداً فاق تصورها فقالت تصفهم :

دُبْ العرْكشَابْ وكتاً يَلوَكوا المُر
تَدبِت للكتال متل الكُباش الغُر
يدعكْوا على الصَّف الدّميهُ تَخُر
ويصْفَ لونم مِتل دَهَب الجْمار الحُر
المعاني دب : اسم فعل أمر بمعني " اخسأ " وآخرون يقولون تُب بدل دُب تدبت : تثبت الكتال : القتال الكباش الغر : الكبش الذي في جبهته غرة بيضاء
تقول شغبه أن العركشاب إذا دخلوا المعركة فإنهم يستبسلون ولا يتراجعون أبدا وإنهم في الساعات الرهيبة لا يظهر الخوف على وجوههم بل تبقى صافية كالذهب لا يغيرها وجل القتال ولا صليل السيوف ولا جداول الدماء النازفة عندما رأت شغبه حمد المليحابي يعود ومعه فرسان قبيلة الامرار و فرسان قبيلتها من المعركة منتصرين جادت قريحتها بهذه الأبيات التي خلدت معركة النصر إلى يومنا هذا فقالت :

حَمد المليحابي سَدَر للباك
وسنتين بدُولب في البشربُو التُمباك
كتل الشيخ برير وحرق حَشَا الدعَاك
وُجاب ال في الصَفية رقهِّن بِتراك
مفردات سدر للباك : ذهب إلى الباك وهو اسم مكان تسكنه قبيلة الامرار كتل : قتل الدعاك : رضيع الناقة بتراك : يلمع تذكر شغبه كيف أن المليحابي ذهب إلى الامرار في الباك ومكث معهم سنتين يختار منهم الفرسان الأقوياء لمعركة النصر ، ثم استطاع بهذا الجيش القوي أن يهزم البطاحين وياسر زعيمهم اعتقد أن البيت الثالث من الربعية السابقة والذي يقول
كتل الشيخ برير وحرق حَشَا الدعَاك
لا يستقيم والرواية التي تقول إن المرغماب اسروا الشيخ برير ، قد تكون بدلت كلمت اسر بكلمة كتل بمرور الزمن والتحريف في النصوص وارد بطول المدة خصوصا وان هذا التراث غير مكتوب ومحفوظ في الصدور فقط يقول الرواة ان حمد المليحاب بعد ان سلم شغبه الشيخ برير حيا ربتطه من خلاف واحضرت النقارة زأعدت لها العدة ، ثم بدات بتقطيعه ، فقطعت يديه اولا وحملتهما والدم ينزف منهما وبدأت تدق بهما على النقارة في وحشية متناهية وتغني في حقد ومراة وتخاطب برير بقولها :
جيد يا برير الضُقتَ النكُور والهول وكسرَ الهمَبَروك عيش السديره الخور سُقت الحدَّم العَقَدَن قفيهن شُول كتِلةَ اليرمكي مع صُبُاح البول
مفردات: جيد : الحمد لله الضقت : ان ذقت النكور : المصائب وتنكر الايام الهمبروك : الزرع الذي لم ينضج بعد الحدم : تعني بها الابل حديثة الولادة العقدن : اللائي نظرن قفيهن : رقابها
وهنا شغبة تخاطب برير وتقول له المد لله الذي اذاقك العزاب ، لانه قتل زوجها وولدها وساق ابل قبيلتها التي حطمت الزرع باقدامها وهي تجري امامه وهي حديثة الولادة وتركت صغارها خلفها وهي تحاول الرجوع اليها وذلك لانها لا تستطيع المشي مثل امهاتها ، واستمرت تخاطب الشيخ برير ويداه الملطختان بالدماء في يديها وتدق بهما وتقول :
جيد يا برير الضُقتَ النكُور إت حي
وكسرَ الهمَبَروك عيش السديره النَّي
سُقت الحدَّم العَقَدَن قفيهن لي
كتِلةَ اليرمكي مع صُبُاح الضي

فماذا كانت ردت فعل برير يتبع....

تعريف النقارة هي النحاس المعروف والمغطى بجلد البقر او الجمال تصدر صوتا حزينا رتيبا عندما يضرب عليها

ليست هناك تعليقات: